الكلمات غير المنطوقة والناطقة في نفس الوقت
كتبت-نسرين معتوق
طالما أحببت تلك الكلمات غير المنطوقة ، تلك العبارات التي لم تكن يوماً تحتاج لصوت أحرف اللغة لتكون مسموعة .
تلك الكلمات التي تقولها الأعين و تلك العبارات الصامتة و الناطقة في نفس الوقت ، تحمل ما لا يستطيع أن يحمله اللسان ، تلك الكلمات التي في أعين السعداء و المهمومين ، المحبين و الغاضبين ، و حتى تلك النظرات الشاردة .. كل نظرة من تلك الأعين قد تتحدث عن ألم أخفته أبتسامة أو تتحدث عن كذب تخفيه كلمات حلوة فكل نظرة قد تأمن على الحقيقة أو تفضح الحقيقة و تحكي حكاية قد لا يستطيع أفصح لسان على سردها و إجمال تفاصيلها .
و تلك الكلمات التي يحملها موج البحر ليرتفع صوتها و يهبط مع صعود موجه و هبوطه ، تارة تأتي ثائرة كأنها تحمل صرخات محمولة من المدى و ترتطم بكل ما فيها من غضب بصخور الشاطئ معلنة سخطها و تارة تأتي رغم تواتر حركتها هادئة تلامس الصخور بنعومة و كأن البحر يقول لست دائماً ما أحمل رسائل الغاضبين و أنا الذي طالما حملت على موجي قوارب الصيادين و المحبين و حتى سفن الحالمين و المغامرين .. و أنا أصدقك .
أصدقك و برغم أني لم أستطع يوماً فك طلاسم لغتك ، و لا أدري أتحكي لي أنت حكاياتك أم أنك أنت من يستمع لصمتي و يستنتج حكاياتي .. إلا أني لا أتذكر أني يوماً جلست أمامك و لم تبتلع أحزاني و تحرر روحي .. فلم أعد أهتم من منا تحدث و من منا أستمع .
إن أروع ما في كلمات هؤلاء صدقها ، فهم يتحدثون لغة لا تعرف الكذب ، لغة كاشفة للحقيقة ، لغة رغم قوتها إلا إن رقتها جعلت منها قادرة على ملامسة أعماق أرواحنا .
