اقتصادعاجل

المزيد من التقارب والتعاون بين الشعوب

المزيد من التقارب والتعاون بين الشعوب

المزيد من التقارب والتعاون بين الشعوب
المزيد من التقارب والتعاون بين الشعوب
كتب د : وليد جاب اللة

هل يتصور أحد أن تقوم دولة ما بمنح دولة أخرى معونه بدون مُقابل، أم أنها تمنح ذلك تضرعاً إلى الله حتى يُدخلها الجنة عند الممات.

بالتأكيد لا يوجد شيء في هذه الدنيا بدون مُقابل، والأمر لا يخرج عن حالتين، الأولى أن تمنح دولة مُساعدات طارئة لأخرى عند التعرض لكارثة ما، وهذا الأمر يدخل في باب العُرف الدولي المُتبادل والذي يُمهد لمزيد من التقارب والتعاون بين الشعوب، والحالة الثانية أن تُقدم دولة كبرى أو كيان دولي أو شركة كُبرى معونة لدولة أخرى في الظروف العادية، ويكون ذلك بمناسبة تعاون يربح فيه الطرف المانح أكثر من الطرف الممنوح حيث تجد تلك المعونات مُرتبطة بأمور ما مثل أن تكون الدولة المانحة تُصدر بكميات كبيرة لأسواق الدولة مُتلقية المعونة، أو أنها تحصل منها على مزايا لوجستية أو استراتيجية وغير ذلك، فضلاً عن أنه دائماً ما يتم النص في اتفاقات المعونات على اشتراطات مُعينة تُراعي مصالح الدولة المانحة مثل أن تشترط الدولة المانحة أن تُقدم معونتها عينياً في صورة مشروعات من شركاتها، أو محاصيل من إنتاجها، أو بضاعة من صُنعها. وبالتالي فإن المعونة النقدية تُقدم لدعم شركات الدولة المانحة التي تُسلم منتجاتها للدولة مُتلقية المعونة، ويتجاوز الأمر ذلك إلى شروط مثل تحمل الدولة مُتلقية المعونة مصروفات النقل، وصيانة ما يتم تقديمه لها من مشروعات ومعدات لدى شركات الدولة المانحة التي في الغالب ما تُحدد أسعار صيانة مُرتفعة جداً بصورة تجعل الدولة المانحة تسترد ما يزيد عن قيمة ما تُقدمه من معونة في صورة مصروفات نقل وصيانة. ولعل ذلك ما يجعل قبول تلك المعونات يحتاج مُوافقة حكومية وتشريعية من المجالس النيابية لمُراجعة مدى كونها تُحقق منفعة فعلية من عدمه، بالتالي فإن المعونات لا تُمثل خيراً، أو ضرراً محضاً للدولة مُتلقية المعونة، وإنما هي تصرفات تدور بين النفع والضرر وعلى كل طرف أن يُدير تلك العملية بالتفاوض للوصول لأفضل شروط.

وفي ذلك المجال قدمت اليابان لمصر قرضاً لتمويل الخط الرابع لمترو الأنفاق بفائدة مُخفضة قدرها 2% والسداد على 30 سنة مع فترة سماح قدرها 10 سنوات شريطة التنفيذ مع شركات يابانية، وعند الطرح تقدمت شركة يابانية واحدة بعرض سعر مُرتفع جداً مما ترتب علية إلغاء مصر للمُناقصة والدخول في تفاوض جديد نجح بعد ذلك في تحقيق عملية التوازن بين المصالح، وإذا انتقلنا للمعونة الأمريكية فطالما طلبت مصر تحويلها لاتفاقية شراكة اقتصادية تُحقق مصالح الطرفين وإنهاء هذا الشكل من التعاون الذي يظهر في صورة معونة رغم كونة قائم على تبادل مصالح. وقد فطن الصينيين لتلك الأمور فصاغوا مشروعهم لتكتل دول الحزام والطريق مُتجاوزين مُصطلح المعونة إلى نموذج من التعاون على قاعدة الكل رابح من خلال تقديم تمويلات مُنخفضة التكلفة لدول الحزام والطريق شريطة تنفيذها بالتعاون مع شركات صينية.

وسواء كان المُسمى معونة أو شراكة فلابد أن نعرف أن العبرة ليس بالمسمى، ولكن بطبيعة الشروط التنظيمية التي تُحدد مدى توازن المصالح بين الأطراف، وبالتالي يجب أن نتعامل مع هذا الملف بكل عزة كطرف فاعل وليس كطرف ضعيف وأن يتصدى خيرة أبنائنا لعمليات التفاوض للوصول إلى أفضل الشروط كأحد آليات التعاون الدولي . 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: