المسافة المناسبة و الوقت الكاشف
كتبت:نسرين معتوق
ظللت في صغري أعتقد أن المسافة و الوقت يغيران فقط في نتائج معادلات الفيزياء ، و لكن مع مرور الوقت و عندما كبرت أدركت أن أثر تغيير الوقت و المسافة يتعدى معادلات الفيزياء و يمتد ليأثر على كثير من أمور حياتنا .
مع الوقت أدركت أن قربي من الأشياء ليس بالضرورة هو ما يضمن لي وضوحها ، كمان أن ليس كل بُعد يعني بالضرورة عدم وضوح الأشياء و احتجابها .
أدركت أن هناك أشياء تستلزم منا أن نبتعد لنراها أوضح ، لنتأكد ما إذا كانت بذلك العِظَم أم أنها كانت في الأصل ضئيلة و قربنا منها فقط هو ما جعلنا نراها عظيمة ، و تعظيمنا لها فقط هو ما جعلنا نفرغ لها مساحة أكبر مما تستحق .
و على العكس تماماً .. هناك أشياء كانت لا تحتاج منا سوى أن نقترب منها أكثر حتى ندرك تلك السمات و نرى تلك الدلالات ، أشياء في دقة تفاصيلها تكمن قيمتها و تتجلى عظمتها ، تفاصيل لم نكن لندركها لو ظللنا على البعد قائمين .
ثم يأتي الوقت ليغدو مؤشرنا الأصدق ، معه فقط تتضح حقيقة الأشياء ، الأشخاص ، و حتى المشاعر أيضاً .
الفرح و الحزن ، الحب و الكراهية ، الرضا و السخط و الغضب أيضاً .. كل هذه المشاعر و غيرها تخضع للوقت كمؤشر به ندرك حجمها و مدى صدقها و لنفهمها بشكل صحيح .
تقديرنا للأشياء هو مسؤوليتنا نحن لا مسؤولية الأشياء ، و لذلك علينا أن نحسن قياس المسافة بيننا و بينها و التي تضمن لنا أن نراها بشكل أوضح و أن نجيد التعامل مع الوقت كلما لزم الأمر فهو وحده الكاشف الصادق عن حقيقة و حجم مشاعرنا اتجاه هذه الأشياء .