
الديمقراطية العامة تتجدد والشعوب ترسم مستقبل مصر.
أنه في عالم يموج بالتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يظل البرلمان هو شعاع عبر العصور لتطلعات الشعب المصري.
وكان ولا يزال نبض المواطن والشعب المصري بأكمله، وجسرا متينا بين السلطة والشعب وصوتآ وطنيآ يسعى لتحقيق التوازن والتكامل لترسيخ قيم العدالة والكرامة الإنسانية.
وفي 30 يونيو من كل عام نحتفل جميعًا باليوم العالمي للعمل البرلماني، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون مناسبة سنوية للتفكير في أهمية دور البرلمانات، باعتبارها مؤسسة تشريعية وفاعلًا حضاريآ وشريكآ أساسيآ في صياغة القرار وضمانآ للتنمية المستدامة مشتملة الحوكمة والمساءلة والشفافية.
لأن البرلمان هو فكرة حية تمثل جوهر الديمقراطية حيث تتحول مطالب المواطنين من همسات في الشارع إلى قوانين تنفذ على أرض الواقع لأنه ذاكرة الأمة وإرادتها الحقيقية وفيه تناقش السياسات العامة وتصان الحقوق وتبنى جسور الثقة بين المواطن والشعب.
ومع تطور مفهوم الديمقراطية وتغير أولويات المجتمعات لم يعد دور البرلمان تقليديآ بل أصبح عليه أن يتفاعل مع التكنولوجيا ويواكب التحول الرقمي ويتبنى أدوات تشريعية مبتكرة تجيب على أسئلة العصر مثل كيف نشرع للذكاء الاصطناعي؟ كيف نحمي الخصوصية الرقمية؟ وكيف نصيغ قوانين بيئية ملزمة تحفظ كوكب الأرض للأجيال القادمة؟
إن هذا اليوم هو مساحة للتقييم والتجديد ويأتي ليذكرنا جميعآ بأن الديمقراطية ليست حالة نهائية بل هي مسار طويل يتطلب العمل والصدق والمراجعة ودعوة للبرلمانات لتقييم أدائها والاقتراب أكثر من المواطن والانفتاح على قضايا الفئات غير الممثلة بما يكفي كالشباب والنساء وذوي الإعاقة والمناطق المهمشة.
كما يعد فرصة لإبراز البرلمانيين كنماذج للقدوة والمسؤولية الوطنية فهم ليسوا فقط مشرعين بل سفراء لقيم المواطنة وصوت للضمير العام يواجهون التحديات المعقدة بمزيج من الحكمة والشجاعة السياسية
فالتواصل البرلماني مع الجاليات المصرية في الخارج جسر لا بديل عنه في عصر العولمة لم تعد حدود الوطن هي الفيصل الوحيد في تمثيل المواطنين فقد أصبحت الجاليات المصرية بالخارج جزءآ لا يتجزأ من نسيج الدولة وصوتآ مهمآ في معادلة التنمية والاستثمار والهوية الوطنية.
ومن هنا تتضاعف مسؤولية البرلمان تجاه المصريين في الخارج ليس فقط في تقديم الدعم القانوني والتمثيلي بل في الإصغاء الحقيقي لقضاياهم ومقترحاتهم ومراعاة مصالحهم في التشريعات الوطنية
و إنشاء آليات فعالة لتواصل النواب مع أبناء الشعب مثل اللقاءات الافتراضية المنتظمة واستحداث دوائر تمثيلية إلكترونية وإشراكهم في جلسات استماع حول قضاياهم هو واجب وطني يعيد للجاليات ثقتها ويعزز انتماءها.
وهو أيضآ مدخل مهم لتحفيز مساهمتهم الاقتصادية والعلمية والثقافية وربطهم الدائم بالقضايا المصيرية التي تمر بها مصر ونحو برلمانات المستقبل برؤى مبتكرة
واذا أردنا أن نكرم العمل البرلماني حقآ فعلينا أن نعيد التفكير في البرلمان في ظل التحولات الرقمية
ومن الممكن للذكاء الاصطناعي أن يدعم التحليل التشريعي وبناء برلمان رقمي يفتح المجال أمام تشارك مجتمعي أوسع.
نحن في لحظة مفصلية تلزمنا بتحديث أدوات العمل البرلماني والتفكير في نماذج مبتكرة للحوكمة تجمع بين التقاليد الديمقراطية العريقة والتكنولوجيا الحديثة، لضمان صوت أكثر عدالة وقرار أكثر فاعلية وتشريع أكثر شمولًا
و صوت الشعب لا يغيب وفي هذا اليوم نحتفل بمبدأ أن الشعب صوت وأن لهذا الصوت قاعة تصغى فيها الكلمات لا الأوامر وتصاغ فيها السياسات لا الشعارات
فلنجعل من هذا اليوم حافزًا للتطوير ودعوة للحوار ومنصة لتجديد العهد بين النائب والناخب وبين التشريع والحياة وليكن البرلمان دائمًا منفتحآ على تلبية مطالب الشعب طامحآ نحو المستقبل وممتد الجسور نحو أبناءه في الخارج.