اقتصادعاجل

الدكتورة  زهراء عبد الجواد تكتب: أكتوبر قصة كفاح مستمرة

الدكتورة زهراء عبد الجواد تكتب: أكتوبر قصة كفاح مستمرة

النصر في كل عام، تحل علينا ذكرى أكتوبر المجيدة، لتجدد فينا معاني العزة والكرامة، وتذكرنا بتضحيات الأبطال الذين سطروا بدمائهم الذكية أروع ملامح البطولة والفداء، حرب أكتوبر لم تكن مجرد معركة عسكرية، بل كانت نقطة تحول في تاريخ المصريين، واستعادة للكرامة العربية التي أهدرت في حرب 1967، فـحرب أكتوبر 1973 لم تكن مجرد معركة إقليمية، بل كانت نقطة تحول عالمية أثرت بعمق على الفكر العسكري والاستراتيجي للقوى الكبرى، وكشفت المفاجآت التكتيكية والاستراتيجية التي حققها الجيش المصري عن دروس غيرت مفاهيم الحروب الحديثة، وهى:

• استعادة تراب الوطن: الهدف الأساسي والرئيسي من الحرب كان تحرير الأرض المحتلة، وهو ما تحقق على مراحل.

• العمل العسكري يليه العمل الدبلوماسي: بدأت الحرب بهجوم عسكري مفاجئ، لكن استعادة كامل سيناء لم تتم إلا بعد سنوات من المفاوضات والجهود القانونية والدبلوماسية، والتي أفضت إلى اتفاقية السلام ثم التحكيم الدولي لاستعادة طابا.

• الصمود والمبادرة : الحرب كسرت الصورة التي رسختها نكسة 1967 (حرب الأيام الستة)، وأعادت الثقة والاعتبار لمصر وللأمة العربية بقدرتها على الصمود والمبادرة العسكرية.

• وجهة النظر الإسرائيلية (تحقيق السلام): الإشارة إلى الادعاء الإسرائيلي بالفوز لأنه “حقق السلام مع أكبر وأقوى دولة عربية” تُبرز حقيقة أن إسرائيل تعتبر هذا السلام – الذي أنهى حالة الحرب مع مصر – إنجازًا استراتيجيًا يخدم أهدافها وطموحاتها.

• انكسار أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”: أثبتت الحرب أن التفوق التكنولوجي وحده لا يكفي، وأنه يمكن تحطيم الدفاعات الأكثر تحصينًا (مثل خط بارليف) وكسر هيمنة القوات الجوية عبر التخطيط المبتكر والعزيمة القتالية.

• ثورة الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات: شهدت الحرب نجاحًا غير مسبوق لـ صواريخ الدفاع الجوي، والصواريخ المضادة للدبابات حيث نجحت في تجديد التفوق الجوي والدروع الإسرائيلية في الأيام الأولى، ودفع هذا النجاح الجيوش العالمية، وخاصة الغربية منها، إلى مراجعة شاملة لعقيدتها القتالية الخاصة بالدبابات والدفاع الجوي وتطوير أنظمة الأسلحة الجديدة.

• عبقرية الابتكار التكتيكي: كان استخدام المدافع المائية عالية الضغط لفتح ثغرات في الساتر الترابي لخط بارليف مفاجأة تكتيكية مدهشة، وأصبح يدرس في المعاهد العسكرية كنموذج للحلول غير التقليدية للتغلب على التحصينات الهندسية المعقدة.

• خطة الخداع تُخدع القوى العظمى: تُعد خطة الخداع التي وضعتها القيادة المصرية لتأمين موعد وتوقيت الهجوم من أعظم خطط التضليل الاستراتيجي في التاريخ الحديث، وهي تُدرَّس في الكليات العسكرية حول العالم حتى الآن، وهذه الخطة لم تخدع إسرائيل فحسب، بل خدعت القوتين العظميين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي)، مما أثبت أن التخطيط الدقيق وتأمين المعلومات يمكن أن يتفوق على الاستخبارات الأكثر تقدمًا.

• الشمولية في التخطيط: امتدت خطة الخداع لتشمل تحركات الدبلوماسيين والوزراء (كإجراءات خداع سيادية)، وتوفير المعدات (مثل مضخات المياه التي تم استيرادها كأدوات زراعية وري)، مما يدل على أهمية التنسيق الشامل بين المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

• الارادة القوية: المفاجأة الأكبر، كما وصفها القادة الإسرائيليون أنفسهم، كانت روح الجندي المصري الذي اختلف عن الحروب السابقة، وأعادت الحرب التأكيد على أن الإرادة المعنوية والتدريب المتقن والهدف العادل (استرداد الأرض) هي عوامل حاسمة تتفوق على أي تفوق مادي أو تكنولوجي.

• مسار “الحرب من أجل السلام”: وضعت الحرب نموذجًا استراتيجيًا حديثًا لاستخدام القوة العسكرية كأداة لفتح المسار الدبلوماسي والتفاوض، واستُخدم النجاح العسكري الأولي لتحطيم نظرية الأمن الإسرائيلية ثم استُكملت عملية تحرير الأرض بالكامل عبر المفاوضات السياسية، وهو ما أثبت أن النجاح السياسي النابع من القوة العسكرية هو الطريق لاستعادة حقنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!
إغلاق